عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 18-10-2023, 07:03 PM
انسكاب حرف
ابتسامة الزهر متواجد حالياً
 
 عضويتي » 27
 اشراقتي » Feb 2017
 كنت هنا » اليوم (12:11 AM)
آبدآعاتي » 4,125,003[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي الْعَـفُــوُّ جَلَّ جَلَالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ







الْعَـفُــوُّ
جَلَّ جَلَالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ

الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ (العَفُوِّ)[1]:
العَفوُّ فَي اللُّغَةِ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ مِنَ العَفْوِ، وَهُوَ مِنْ صِيَغِ المُبَالَغَةِ، يُقَالُ: عَفَا يَعْفُو عَفْوًا فَهُوَ عَافٍ وَعَفُوٌّ.

وَالعَفْوُ هُوَ التَّجَاوُزُ عَنِ الذَّنْبِ، وَتَرْكُ العِقَابِ عَلَيْهِ، وَأَصْلُهُ المَحْوُ وَالطَّمْسُ، مَأَخُوذٌ مِنْ قَوْلِهمْ عَفَتِ الرِّيَاحُ الآثارَ إِذَا دَرَسَتْهَا وَمَحَتْهَا، وَكُلُّ مَنِ اسْتَحَقَّ عِنْدَكَ عُقُوبَةً فَتَرَكْتَهَا فَقَدْ عَفَوْتَ عَنْهُ[2].

وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ رضي الله عنهما قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَمْ نَعْفُو عَنِ الخَادِمِ؟ فَصَمَتَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الكَلَامَ، فَصَمَتَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ: «اعْفُوا عَنْهُ فِي كُل يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّة»[3]، فَالعَفْوُ هُوَ تَرْكُ الشَّيءِ وَإِزَالَتُهُ.

وَقَوْلُه تَعَالَى: ﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ ﴾ [التوبة: 43]؛ أَي: مَحَا اللهُ عَنْكَ هَذَا الأَمْرَ وَغَفَرَ لَكَ.

وَالعَفْوُ يَأْتِي أَيْضًا عَلَى مَعْنَى الكَثْرَةِ وَالزِّيَادَةِ، فَعَفْوُ المَالِ هُوَ مَا يَفضُلُ عَنِ النَّفَقَةِ، كَمَا فِي قَوْلِه سبحانه وتعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ [البقرة: 219].

وَعَفَا القَوْمُ كَثُرُوا، وَعَفَا النَّبتُ وَالشَّعْرُ وَغَيرُه يَعْنِي كَثُرَ وَطَالَ، وَمِنْهُ الأَمَرُ بإِعْفَاءِ اللِّحَى[4].

وَالعَفُوُّ سُبْحَانَهُ هُوَ الذِي يُحِبُّ العَفْوَ وَالسِّتْرَ، وَيَصْفَحُ عَنِ الذُّنُوبِ مَهْمَا كَانَ شَأْنُهَا، وَيَسْتُرُ العُيُوبَ، وَلَا يُحِبُّ الجَهْرَ بِهَا، يَعْفُو عَنِ المُسِيءِ كَرَمًا وَإِحْسَانًا، وَيَفْتَحُ وَاسِعَ رَحْمَتِهِ فَضْلًا وَإِنْعَامًا، حَتَى يَزُولَ اليَأْسُ مِنَ القُلُوبِ، وَتَتَعَلَّقَ فِي رَجَائِهَا بِمُقَلِّبِ القُلُوبِ[5].

قَالَ القُرْطُبِيُّ: «العَفْوُ عَفْوُ اللهِ عز وجل عَنْ خَلْقِهِ، وَقَدْ يَكُونُ بَعْدَ العُقُوبَةِ وَقَبْلِهَا، بِخِلَافِ الغُفْرَانِ فإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَعَهُ عُقُوبَةٌ البَتَّةَ، وَكُلُّ مَنِ اسْتَحَقَّ عُقُوبَةً فَتُرِكَتْ لَه فَقَدْ عُفِيَ عَنْهُ، فَالعَفْوُ مَحْوُ الذَّنْبِ»[6].

وَالمَقْصُودُ بِمَحْوِ الذَّنْبِ: مَحْوُ الوِزْرِ المَوْضُوعِ عَلَى فِعْلِ الذَّنْبِ، فَتَكُونُ أَفْعَالُ العَبْدِ مُخَالَفَاتٍ أَوْ كَبَائِرَ وَمُحَرَّمَاتٍ، ثُمَّ بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70]، فَتُمْحَى السَّيِّئَاتُ عَفْوًا وَتُسْتَبْدَلُ بِالحَسَنَاتِ.

أَمَّا الأَفْعَالُ فَهِي فِي كِتَابِ العَبْدِ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيُعَرِّفُهُ بِذَنْبِهِ وَسُوءِ فِعْلِهِ ثُمَّ يَسْتُرُهَا عَلَيْهِ، كَمَا وَرَدَ عِنْدَ البُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ يُدْني المُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ: أَتَعْرفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ؛ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالمِينَ»[7].

فَالوِزْرُ أَوْ عَدَدُ السِّيئَاتِ هُوَ الذِي يُعْفَى وَيُمْحَى مِنَ الكِتَابِ، أَمَّا الفِعْلُ ذَاتُه المَحْسُوبُ بِالحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ أَوْ مِقْيَاسُهُ فِي مِثَقَالِ الذَّرَّاتِ فَهَذَا عَلَى الدَّوَامِ مُسَجَّلٌ مَكْتُوبٌ، وَمَرْصُودٌ مَحْسُوبٌ بِالزَّمَانِ وَالمَكَانِ وَمِقْدَارِ الإِرَادَةِ وَالعِلْمِ والاسْتِطَاعَةِ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49][8].

وُرُودُهُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ[9]:
وَرَدَ الاسْمُ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وَهِي:
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43].
وَقَوْلُهُ: ﴿ فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 99].
وَقَوْلُهُ: ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149].
وَقَوْلُهُ: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ [الحج: 60].
وَقَوْلُهُ: ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ [المجادلة: 2].

مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى:
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: «﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا ﴾ [النساء: 43]: إنَّ اللهَ لَمْ يَزَلْ عَفُوًّا عَنْ ذُنُوبِ عَبَادِهِ، وَتَرْكُهُ العُقُوبَةَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهَا مَا لَمْ يُشْرِكُوا بِه»[10].

وَقَالَ الزَّجَّاجُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ المَعْنَى اللُّغَوِيَّ: «وَاللهُ تَعَالَى عَفُوٌّ عَنِ الذُّنُوبِ، تَارِكٌ العُقُوبَةَ عَلَيْهَا»[11].

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ النَّحَّاسُ: «﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا ﴾؛ أَيْ: يَقْبَلُ العَفْوَ، وَهُوَ السَّهْلُ»[12].

وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: «(العَفُوُّ) وَزْنُه فَعُولٌ مِنَ العَفْوِ، وَهُوَ بِنَاءُ المُبَالَغَةِ، وَالعَفْوُ: الصَّفْحُ عَنِ الذُّنُوبِ، وَتَرْكُ مُجَازَاةِ المُسِيءِ.

وَقِيلَ: إِنَّ العَفْوَ مَأْخُوذٌ مِنْ عَفَتِ الريحُ الأَثَرَ، إِذَا دَرَسَتْهُ، فَكَأنَّ[13] العَافِيَ عَنِ الذَّنْبِ يَمْحُوهُ بِصَفْحِهِ عَنْهُ»[14].

وَقَالَ الحُلَيْمِيُّ: « (العَفُوُّ) وَمَعْنَاه: الوَاضِعُ عَنْ عِبَادِه تَبِعَاتِ خَطَايَاهُم وَآثَارِهِمِ، فَلَا يَسْتَوفِيهَا مِنْهُمِ، وَذَلِكَ إِذَا تَابُوا وَاسْتَغْفَرُوا، أَوْ تَرَكُوا لِوَجْهِهِ أَعْظَمَ مِمَّا فَعَلُوا، فَيُكَفِّرُ[15] عَنْهُم مَا فَعَلُوا بِمَا تَرَكُوا، أَوْ بِشَفَاعَةِ مَنْ يَشْفَعُ لَهُم، أوْ يَجْعَلُ ذَلِكَ كَرَامَةً لِذِي حُرْمَةٍ لَهُمْ بِهِ، وَجَزَاءً لَهُ بِعَمَلِه»[16].

وَقَالَ السَّعْدِيُّ: «(العَفُوُّ، الغَفُورُ، الغَفَّارُ): الذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالَ بِالعَفْوِ مَعْرُوفًا، وَبالغُفْرَانِ وَالصَّفْحِ عَنْ عِبادِه مَوْصُوفًا، كُلُّ أحدٍ مُضْطَرٌّ إِلِى عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِه، كَمَا هُوَ مُضْطَرٌّ إِلِى رَحْمَتِهِ وَكَرَمِهِ، وَقَدْ وَعَدَ بِالمَغْفِرَةِ وَالعَفْوِ لِمَنْ أَتَى بِأَسْبَابِهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82]»[17].

وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي (النُّونِيَّةِ):
وَهُوَ العَفُوُّ فَعَفْوُه وَسِعَ الوَرَى
لَوْلَاهُ غَارَ الأرْضُ بالسُّكَّانِ[18]




 توقيع : ابتسامة الزهر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس