عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-09-2023, 09:19 PM
سمو المشاعر غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 2656
 اشراقتي » Jan 2023
 كنت هنا » 22-10-2023 (08:46 AM)
آبدآعاتي » 17,841[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي الفاتحة والدعاء (2)



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
تحدثنا في الدرس الماضي عن الفاتحة والدعاء، ولنعلم أنَّ من أشرف مقامات العبودية بين يدي الله أنْ يقف العبد خاضعًا خاشعًا وهو يرددُ في الفاتحة هذا الدعاء العظيم: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة:6]، ما أجمل مناجاة العبد لربه بهذا الدعاء، وهو يستشعر فقرَه وذلَّه ومسكنته، وحاجتَه إلى هداية الله له، وإلى صراط الله المستقيم.
إننا ندعو الله جَلَّ وَعَلَا بهذا الدعاء كل يوم، ما لا يقل عن سبع عشرة مرة، ونؤمن عليهِ؛ طلبًا للهداية إلى الصراط المستقيم اَلذِي سلكهُ الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، فجديرٌ بنا جميعًا أنْ نعلم أنَّ سورة الفاتحة اشتملت على شروط الدعاء وآدابهِ اَلتِي إذا تحلَّى بها المؤمن واتصف بها، أُجيب بإذن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى دعاءَه، وحقِّق رجاؤهُ، وأُعطي سؤالَهُ.
فأوَل هذه الشروط اَلَّتِي تضمنتها سورة الفاتحة: هو الإخلاص لله جَلَّ وَعَلَا، وهو شرطُ الدعاء الأعظم، وقد جاء ذكرهُ مقدمًا بين يدي الدعاء في سورة الفاتحة بقول الله جَلَّ وَعَلَا: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾:
اهدنا: أنت يا ألله، فلا ندعو، ولا نرجو، ولا نستعين، ولا نستغيث إلا بك يا الله، فمَنْ صرف الدعاء لغير الله، فقد أشرك، ودعاؤهُ باطلٌ مردودٌ.
فأين مَنْ يقرؤون الفاتحة ويرددون: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾، وهم يدعون الحسين وفاطمة، ولربما ذرَف أو ذرفوا دموعهم عندما يرفعون الحاجات أنْ تُقبَل أمام عتبات المشاهد وقبور الصالحين والأولياء، سبحانك اللهم هذا بهتانٌ عظيمٌ!
ثم لنعلم أنَّ من شروط الدعاء المتابعة للرسول عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وقد اشتملت الفاتحة على قول الله جَلَّ وَعَلَا: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾أي: الطريق القويم والمسلك الرشيد اَلذِي كان عليهِ نبينا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأعظم الدعاء بركةً وأثرًا هو الدعاء بالمأثور عن النبيّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنْ يتحرَّى العبدُ فيهِ جوامع الدعاء، ولا يدعو فيهِ بمعصيةٍ ولا قطيعة رحمٍ؛ اقتداءً بالنبي عَلَيْهِ اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
ومن شروط الدعاء في الفاتحة: الإلحاح على الله جَلَّ وَعَلَا، وألا ييأس العبد وينقطع ويقول: دعوت ودعوت ولم يُستجب لي، وقد دلَّت الفاتحةُ على هذا الشرط، فهي السبع المثاني تُقرأ وجوبًا في كل ركعة.

ومن شروط الدعاء: الجزم بالدعاء، والعزمُ في الطلبِ والمسألة، ورسولنا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «لا يقولنَّ أحدُكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إنْ شئت، ليعزم المسألة، فإنهُ لا مستكره له»[1]، ودلَّت الفاتحةُ على ذلك؛ من حيث العزمِ والصدق في طلب الهداية رجاءَ ذلك من الله، مع البعد عن الارتخاء والفتور في السؤال والطلب.
ومن شروط الدعاء: حضور القلب وعدم الغفلة عند الدعاء، قال صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْعُوا اللهَ وأنتمْ مُوقِنُونَ بالإجابةِ، واعلمُوا أنَّ اللهَ لا يَستجيبُ دُعاءً من قلْبٍ غافِلٍ لَاهٍ»[2].
والفاتحة اشتملت على هذا الشرط؛ من حيث التهيؤ اَلَّذِي يأتي الداعي في تلك المقدمة العظيمة بين يدي السؤال: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[الفاتحة:2]، فلم يبدأ الدعاء مباشرةً ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾[الفاتحة:6]، وإنما جاء ذكر الله جَلَّ وَعَلَا وتعظيمه وتمجيده جَلَّ وَعَلَا، والثناء عليهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وهكذا أيها الأخوة، اشتملت الفاتحةُ على كل معاني القرآن من عبادةٍ وعقيدةٍ ومنهج حياة، ولذلك عندما نقرأ الفاتحة ينبغي لنا أنْ نستشعر هذه المعاني العظيمة الجليلة، فاللهم اهدِنا الصراط المستقيم، صراط اَلذِين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، والحمد لله رب العالمين.




 توقيع : سمو المشاعر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ سمو المشاعر على المشاركة المفيدة:
,