عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 19-10-2018, 12:22 AM
سلمى غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 379
 اشراقتي » Oct 2017
 كنت هنا » 20-04-2024 (01:25 AM)
آبدآعاتي » 17,837[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه Morocco
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي ومضة من ومضات زمن مقرف...






في منطقة نائية,كنا نعمل.لا ماء,لا كهرباء,ولاطريق.
فقط هو الشيح والريح يملأ المكان.أذكر أننا ركبنا يوما شاحنة.جميعنا,
حشرنا فيها حشرا.
أنا و بعض زملائي في العمل,والديكة,والماعز,والمعاول والفؤوس,
وكلبة بجرائها...نعم كلبة بجراءها, ولكم أن تتصوروا المشهد.كلما اقترب
الواحد منها,زمجرت ,واكفهر وجهها, وكشرت عن أنيابها.
كنا خائفين جدا منها.وركبت معنا أيضا بعض الوجوه الشاحبة من أهل
الدوار.وجوه تحمل معها أكياس تبن ونخالة للبهائم,ونافذة حديدية
وأخرى خشبية,وزجاج.يحملون معهم أيضا قنينات غاز كبيرة وصغيرة,
وأكياس مليئة بالخضر واللحم, اللحم الذي عرفنا بنفسه ,برائحته النتنة
التي أزكمت أنوفنا ,وزادت من معاناتنا.وأذكر جيدا أن ذلك اليوم
كان قائظا .وقدعلت وجوهنا سحنة مخيفة,حيث لصق الغبار الأبيض’’بياضة’’
على وجوهنا وأجسامنا المبللة بالعرق,حيث لم نعد
نعرف بعضنا إلا من أصواتنا أو هيئاتنا .
هنا أحسست أننا جميعا سواسي.لافرق بيننا وبين الديكة والماعز,
وحتى الخضر والنوافذ.كلنا ننتظر ساعة الفرج التي قد تأتي أو لا تأتي...
كل واحد منا يطلق عليه سائقنا: لفظة ’’بلاصة’’ ,والبلاصة طبعا
تعني مبلغا نقديا.
حينما يراك السائق من بعيد يقول لصاحبه : ’’هاواحد البلاصة’’
ياالله دير أمارش.لا فرامل ولا أوراق,ولا تأمين...لدى السائق.نمضي في
سفينة الله وننتظر الفرج.وإذا وقعت الواقعة ,وانقلبت الشاحنة
لا قدر الله,سنضاف للائحة ضحايا حوادث السير.
ماذا سيخسرون عنا,ربماعنوانا صغيرا في جريدة متهالكة,أو لقطة
في تلفاز لتأثيت مشهد ,لتمرير مدونة السير.وبعد ذلك يدفنوننا
ويأكلون عنا وجبة كسكس,عشاءنا الأخير,ويترحمون عنا,ويعودون
لمشاغلهم ومآربهم.وتستمر الحياة...


ما تصفحت للكاتب القدير
الاستاذ أبو العز..







 توقيع : سلمى






شكرا جزيلا للحبيبة عيون الريم

على التوقيع الجميل



آخر تعديل سلمى يوم 19-10-2018 في 04:22 AM.
رد مع اقتباس