عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 18-02-2019, 10:11 AM
نسر الشام غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 612
 اشراقتي » Feb 2018
 كنت هنا » 10-02-2020 (05:29 AM)
آبدآعاتي » 14,858[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي »
موطني » دولتي الحبيبه Syria
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
 
ناقتان وجمل تساوي موءودة



ناقتان وجمل تساوي موءودة

ناقتان وجمل تساوي موءودةً، معادلةٌ واضحة غامضة، مَن صاحبُها يا ترى وما قصتُها؟
أضلّ ناقتين عُشَرَاوَيْنِ، أناخ جمله، وشرع في البحث عنهما في المحيط القريب، ثم ابتعد أكثر فأكثرَ، ومن مضارب قومه إلى مضارب قومٍ آخرين، في الأفق البعيد كأنما نُصب له بيتٌ من شعَرٍ يجاور بعضَ البيوت، اقترب حتى وصل إليهم، خرج صاحب البيت: مرحبًا بالضيف، دعاه إلى النزول: أهلاً تفضل.
لكنَّني على عجلةٍ من أمري.
ما وراءك يا أخا العرب؟
أبحث عن ناقتين عُشَرَاوَيْنِ ندَّتا لي.
وما سمتهما؟
عليهما ميسم بني دارم.
وصلتَ، هاهما ونتاجهما لك.
خرجت امرأة من الخباء المجاور، فقالت: سيدي، إنّها تلد.

حسنًا، إن كان ذكرًا يشاركنا في أموالنا، وإن كانت جاريةً فادفنوها فما لنا بها حاجة.
ثمّ عادت إلى خبائها.
تدخَّل صاحب الناقتين:
تدفن مَن؟!
أدفن ابنتي، إن ولدت زوجتي جارية.
عادت المرأة من الخباء: وهي ترتجف خوفًا، وبصوت خافت: سيدي، إنها جارية.
ادفنوها.
صاحب الناقتين: أنا أشتريها منك.
ومن أخبرك أنّ العرب تبيع بناتِها؟!
لا أحدَ، فأنا عربيٌّ مثلك، ولكنني أشتري حياتها ودمَها، وتبقى عندك.
فماذا تريد؟
حسنًا، قل لي أنت ماذا تدفع؟
أدفع ناقتيّ هاتين.
ونتاجَهما.
ونتاجَهما.
لا يكفي.

وماذا تريد بعدُ؟!
جملَك هذا الذي تركب.
موافقٌ، على أن ترسلَ معي رسولاً حتى أصلَ إلى أهلي، فيعود بالجمل.

إنّها الصفقة الأولى في تاريخ العرب، إنّها مكرمةٌ لم يسبق صاحبَها أحدٌ من العرب، مكرمةٌ فتحت البابَ لأصحاب النفوس الأبيَّة والهمم العالية، أمَّا صاحبها فهو صعصعةُ جدُّ الفرزدق الذي يقولُ:
وَجَدِّي الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَاتِ وَأَحْيَا الْوَئِيدَ فَلَمْ يُوأَدِ
فهو أوّل من فدَى الموءوداتِ، وقد افتخر الفرزدقُ في مجلس سليمان بن عبدالملك، فقال: أنا ابن محي الموتى، فأنكروا عليه، فقال: ألم تسمعوا قول الله - تعالى -: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، فقال سليمان بن عبدالملك: إنّك مع شعرك لفقيه.

بقي أن نذكر أن الفرزدق يلتقي مع زوجته النوار - ابنة عمّه - عند جده صعصعة، وقصة زواجه بها وطلاقها قصةٌ طريفة، سأذكرها بعون الله - تعالى.




 توقيع : نسر الشام


رد مع اقتباس