عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 15-03-2024, 02:14 AM
سبــيعي غير متواجد حالياً
 
 عضويتي » 1627
 اشراقتي » Apr 2020
 كنت هنا » يوم أمس (01:07 PM)
آبدآعاتي » 740,770[ + ]
سَنابِل الإبْداع » [ + ]
هواياتي » الإعلام!
موطني » دولتي الحبيبه Kuwait
جنسي  »
مُتنفسي هنا »  صوري  مُتنفسي هنا
 
مزاجي:
 
افتراضي قصص من حكايات الف ليلة وليلة حكاية ابن ادم



يحكى أن طاووسا كان يعيش مع زوجته قريبا من البحر ، وكان ذلك المكان كثير الوحوش والسباع ، فخاف الطاووس على نفسه وزوجته من الموت والضياع ، ولذلك بحثا عن مكان آخر يعيشان فيه ، حتى وجدا جزيرة آمنة كثيرة الأشجار والثمار ، تجرى فيها القنوات والأنهار ، فانتقلا إليها وقررا العيش فيها .. وما إن استقر الطاووس وزوجته في المكان الجديد حتى أقبلت بطة ، وحطت على تلك الشجرة التي يقف عليها الطاووس وزوجته ، وهي ترتجف من شدة الفزع ، فسألها الطاووس عن سبب فزعها ، فقالت البطة : إني خائفة من ابن آدم ، فالحذر ثم الحذر من بني آدم ..


فطمأنها الطاووس قائلا :أنت الآن في جزيرة آمنة لايصل إليها بني آدم ، فابشري بذلك وعيشي هنا .. وقالت زوجة الطاووس مستفسرة: ما الذي يجعلك خائفة هكذا من بني آدم؟؟ فقالت البطه بعد أن هدأ روعها ، وزال عنها خوفها : لقد كنت أعيش طول عمري في مثل هذه الجزيرة آمنة مطمئنة لا أخاف شيئا ، حتي نمت ذات ليلة ، فرأيت ابن آدم في منامي وهو يخاطبني وأخاطبه ، وسمعت قائلا يقول لى: أيتها البطة ، إحذري من ابن آدم كل الحذر، ولا تغتري بكلامه .. و احذري من مكره وخداعه ، حتى لا يوقعك في شباكه ، واعلمي أنه يحتال على الحيتان ، فيخرجها منه البحار ، ويصيد الطير بحيله ، ويقع الفيل على ضخامته في فخه، ويحتال على صيد السباع والوحوش ، فلا يسلم أحد من شره ، ولا ينجو منه طير ولا وحش .. لقد بلغتك ما سمعته عن ابن آدم ، حتى لا يفاجئك بحيلته ويصيدك بشبكته ..


وتوقفت البطة قليلا ، ثم واصلت حديثها قائلة : ولم يأت على آخر النهار ، حتي ضعفت قوّتي ، وشعرت بالجوع ، فخرجت أبحث عن شيء آكله ، وأنا خائفة حتى وصلت إلى جبل فيه مغارة ، ورأيت على باب المغارة شبل أسد ، فلما رأني حياني وسألني عن إسمي وجنسي ، فقلت له : اسمي بطة ، وأنا من جنس الطيور .. ثم سالته عن سبب قعوده في هذا المكان الى هذا الوقت ، فقال لي : إن والدي الأسد منذ أيام وهو يحذرني من ابن آدم ، ولقد رأيت في منامي هذه الليلة صورة ابن آدم وهو يخاطبني وأخاطبه ...


وحكى الشبل للبطة مارآه في منامه ، وكان شبيها لما رأته هي أيضا في منامها ، فقالت له البطة : أيها الأسد الشجاع ، إنى خائفة من ابن آدم خوفا شديدا ، وقد رأيت ما رأيته ، والآن ازددت خوفا على خوفي من خوفك من ابن آدم ، مع أنك سلطان الوحوش ، وقد لجأت إليك لتقتل ابن آدم ، حتى تريحنى من شره ومكره ... وما زالت البطة تحرض الأسد على قتل ابن آدم ، حتى اقتنع بالفكرة ، وقال لها: قومي نبحث عنه ... وسار الأسد باحثا عن ابن آدم وخلفه البطة، قابلا حمارا يجري مذعورا ، فقال له الأسد : من أنت ، ولماذا تجرى هكذا مذعورا ؟! فقال الحمار : أنا الحمار ، وأجري هربا من ابن آدم .. فقال الأسد : هل تخاف أن يقتلك ابن آدم ؟!


فقال الحمار : لا أيها الأسد، إنّما خوفي أن يعمل لي ابن آدم حيلة ويركبني … فتعجب الأسد وقال : وكيف يحتال ابن آدم على ركوبك ؟! وانطلق الحمار يشرح له قائلا : إن ابن آدم عنده شيء يسميه البردعة يضعه على ظهري وشيء يسميه الحزام يشه على بطني ، وشيء يسميه اللجام يضعه في فمي ، وشيء يسميه المنخاس ينخسني به ، وبذلك يحتال على ويرکبني ، ويكلفني بحمل ما أطيق من الأحمال ، فإذا تعثرت شتمني ، وإذا تباطأت ضربني ، وإذا نهقت لعنني .. وهكذا أقضي عمري في العمل الشاق مع القليل من الطعام ، حتى أهرم وأموت ، فيرمون جتني فوق التلال لتأكلها السباع والكلاب ، فهل هناك مصيبة أكبر من ذلك يمكن أن تلحق بي من اين آدم ؟! فلما سمعت البطه کلام الحمار الشعر بدنها وزاد خوفها من ابن آدم ، وقالت للأسد : الحمار معذور ، وقد زادني کلامه رعبا على رعب من ابن ادم..



ولم تكمل البطة كلامها ، حتى ظهر عن بعد جواد يجري مذعورا ، فاستوقفه الأسد قائلا : ما اسمك أيها الوحش المهيب ، ولماذا تجرى هكذا مذعورا .؟! فقال الجواد : أنا جواد يا سيد الوحوش ، وسبب جريي هو هروبي من ابن آدم .. فتعجب الأسد من كلام الجواد وقال : عيب عليك أن تقول هذا الكلام ، وأنت طويل غليظ.. كيف تخاف من ابن آدم مع كبر جسمك وسرعة جريك ، وأنا برغم صغر جسمي قررت أن أقابل ابن آدم ، فأبطش به ، وأكل لحمه ، حتى أزيل خوف هذه البطة المسكينة ، وأجعلها تعيش آمنة في وطنها ، لكنك رعبتني بكلامك ، وجعلتني أتراجع عما قررت أن أفعله به وسكت الأسد قليلا ، ثم قال للجواد : إذا كنت أنت مع عظمك وسرعتك قد قهرك ابن آدم ولم يخف من طولك وعرضك ، مع أنك لو رفسته برجلك لقتلته، فكيف يكون الحال معي إذا لقيته !؟فضحك الجواد وقال : لا يغرك طولي وعرضي وضخامتي ، لأنّها لا تجدي شيئا مع ابن آدم ومكره وحيله ودهائه .. فهو يحتال علىّ حتى يضع اللجام في فمي، ثم يقودني على هواه ، ويرکبني كيف شاء ، فيحملني بالأحمال ، أو يجعلني أجر عربة ، أو أدور في الطاحونة .


وراح الجواد يشرح للأسد الحيل التي يحتال بها ابن آدم ، حتى يسخره ويستغله أسوأ استغلال في أشغاله ، فلما سمع الأسد كلام الجواد زاد غمه وحزنه وقال : متى فارقت ابن آدم .؟ فقال الجواد وهو يتلفت خلفه في خوف : فارقته في منتصف النهار ، وهو يجري خلفي ومصر على الإمساك بي .. ولم يتم الجواد كلامه ، حتى هاج الغبار وثار، كأنه عاصفة هوجاء ، وظهر جمل يجري مرعوبا ، وهو يبعبع ويبر طع ، فلما رآه الأسد استعد لقتاله ظنا منه أنه ابن آدم ، الذي يتحدثون عن قوته وجبروته ، ومكره ودهائه ، فقالت له البطة : مهلا أيها الأسد ، فهذا ليس ابن آدم ، وإنما هو جمل ، ويبدو أنه هارب من ابن آدم ، لأن الخوف يكاد أن يقتلة ..


فلما سمع الجمل هذا الكلام تقدم إلى الأسد وسلم عليه ، فقال له الأسد : ما سبب قدومك إلى هذا المكان أيها الجمل ؟ فقال الجمل : جئت هاربا من ابن آدم .. فتعجب الأسد وقال : کيف تخاف من ابن آدم ، وأنت ضخم طويل عريض ولو رفسته رفسة برجلك لقتلته ؟! فقال الجمل: لا تتعجب أيها الأسد واعلم أن ابن آدم ماکر محتال له الكثير من الدواهي التي لا تطاق ، وأبسطها أنه يضع خيطا في أنفي ويسميه حزاما ، ويجعل في رقبتي حبلا يسميه مقودا ثم يسلمني الأصغر أبنائه ، فيجرني الولد الصغير بالخيط مع ضخامتي ، ويحملونني بأثقل الأحمال ، ويركبونني ويسافرون بي الأسفار الطوال ..


وراح الجمل المسكين يقص على الأسد ما يلاقيه من تعب ومشقة وأهوال على يد ابن آدم ، فزاد خوف البطة والحمار والجواد ، وقال الأسد : في أي وقت فارقت ابن آدم؟ فقال الجمل وهو يتلفت خلفه من الخوف : فارقته وقت الغروب ، وأظنه قادما خلفي مصرا على الإمساك بي ، فدعني أهرب قبل أن يلحق بي .. فقال الأسد : تمهل قليلا أيها الجمل ، حتي تراني وأنا أفترس ابن آدم ، وأهشم عظامه .. فقال الجمل ناصحا : أيها الأسد المهيب أنا خائف عليك منه ، لأنه ماکر مخادع ولن تقدر على حيله ودهائه .. فقال الأسد مستهينا : سوف ترى بعينيك .. وبينما هما مشغولان بهذا الحديث ظهر رجل قصير القامة يحمل في يده مقطفا فيه (عدّة ) نجار ، وعلى كتفه ألواحا خشبية ، ومعه عدة أطفال صغار يحمل كل منهم لوحا خشبيا، فلما رأته البطه زادت خوفا على خوفها، واعترض الأسد طريقه ، فضحك النجار في وجهه وقال: أيها الملك الجليل و صاحب الباع الطويل ، أسعد الله مساءك ومساك ، وزاد في شجاعتك وقوّاك ، أجرني مما دهاني ، وبشره رماني ، لأني ما وجدت لي نصيرا غيرك ..


ثم وقف النجار بين يدي الأسد ، فبکي و اشتکي ، فلما سمع الأسد بكاءه رق لحاله وقال له : لقد أجرتك مما تخشاه ، فمن تكون أيها الوحش ، وما شأنك ، ومن هو الذي ظلمك ؟! فقال له النجار : أنا نجار ، والذي ظلمني هو ابن آدم .. لقد تركته قادما خلفي ، وفي صباح هذه الليلة يصل إليك في هذا المكان .. فصاح الأسد في غضب : لن أنتقل من هنا حتى ألاقيه وأقضى عليه ، ولكن إلى أين أنت ذاهب بهذا الخشب أيها النجار الطيب ؟! فقال النجار في دهاء : لقد علم النمر بقدوم ابن آدم ، فأرسل إلى الأذهب إليه ، حتى أصنع له بيتا يحتمى فيه من عدوه ، وأنا ذاهب لأصنع له ذلك البيت .. فلما سمع الأسد كلام النجار أخذه الحسد من النمر وقال : اصنع لي أنا أولا بيتا من هذه الألواح ، ثم اذهب إلى النمر و اصنع له ما يشاء.. فقال النجار : دعني أذهب للنمر أولا ، فإذا فرغت من بيته عدت إليك و صنعت لك البيت الذي تحب ..


فاعترض الأسد طريقه قائلا في غضب : لن أدعك تمر من هنا حتى تصنع لى بيتا ، وإلا قتلتك .. فقال النجار في دهاء: ساصنع لك البيت الذي طلبت ياسيد الوحوش .. وهكذا بدأ النجار في صنع البيت الذي طلبه الأسد ، وليته ماطلب .. صنع النجار صندوقا من الخشب يسع الأسد محشورا فيه بالقوة ، وجعل بابه مفتوحا ، ثم قال للأسد : ادخل لتجرب بيتك الجديد .. وبمجرد أن حشر الأسد نفسه داخل الصندوق ، أغلق النجار الباب عليه ، ودقّه بالمسامير ، فقال الأسد من الداخل : يا نجار ، ما هذا البيت الضيق ، الذي يكاد يقتلني بداخله ؟؟ دعني أخرج منه ..


فضحك النجار وقال ساخرا : هيهات هيهات .. لا ينفع الندم على ما فات ، ولا يغني الحذر من القدر.. فقال الأسد متعجبا: ماهذا الخطاب الذي تخاطبني به يا أخي ؟! لم تكن تستجير بي منذ قليل .؟! قال النجار : لقد وقعت في القفص ولن تخرج منه أبداً .. أنت الآن صيدي ، وسوف أسلخ جلدك وآخذ فروك .. فلما سمع الأسد كلام النجار علم أنه ابن آدم ، وقد أوقع به بمكره ودهائه وحيله وخداعه ، فندم ندما شديدا ، ولكن ماذا ينفع الندم بعد ضياع الأجل ؟!.




 توقيع : سبــيعي



رد مع اقتباس