أسطورة حامل حقيبة الرياح..

كان عولس (Aeolus) هو الحارس الإلهي للرياح وملك جزيرة إيوليا الأسطورية العائمة (Aeolia)، ولقد أبقى رياح العاصفة العنيفة مغلقة بأمان داخل الكهف الداخلي لجزيرته ولم يطلقها إلّا بأمر من أعظم الآلهة لإحداث الدمار في العالم، وتم إعطاء اسم عولس لثلاث شخصيات مختلفة واردة في الأساطير اليونانية، حيث يبدو أنّ حكاياتهم تتداخل مع بعضها البعض وفي بعض الأحيان يواجه حتى أشهر كتابي الأساطير صعوبة في التمييز بينهم، وربما تكون أسهل طريقة للبدء في فهم علم الأنساب المعقد هي التمييز بواسطة شجرة العائلة بدءًا من آباء عولس الأسطوريين.

من هو عولس
كان موطن عولس هو الجزيرة الأسطورية العائمة إيوليا، وهنا كان يتم الاحتفاظ بكل الرياح: الرياح العاصفة وقوة العاصفة والنسائم الخفيفة، ووقعت أقوى الرياح في العديد من الكهوف في الجزيرة وذلك في انتظار إطلاقها من قبل قيادة عولس، ومعنى اسم عولس ذكي حيث أنّه مناسب تمامًا لحارس الرياح، وتم تكليفه بهذه المهمة من قبل زيوس ملك الآلهة، وعلى الرغم من اعتبار عولس أحيانًا كان بشريًا ومميتًا ومعروفًا باسم إله ثانوي كما ذكرت المصادر المختلفة إلّا أنّ إرثه بصفته سيد الرياح لا يزال قائماً حتى يومنا هذا.

كما يحمل عولس أيضًا لقب (Hippotades) والذي يعني أفراس النهر راينر للخيول أو أفراس النهر، حيث كان يُنظر إلى الرياح على أنّها أرواح على شكل حصان يتم التحكم فيها واحتوائها بواسطة عولس، وعولس سيئ السمعة بسبب دوره في ملحمة هوميروس، وفي حكاية هوميروس كان فانيًا وليس إلهًا ولكنه كان لا يزال مكلفًا بواجب الإشراف على الرياح.

حراس الرياح في الأساطير اليونانية
يحمل إله الرياح عولس العديد من أوجه التشابه مع أورانوس هسيود (Hesiod’s Ouranos) أو ما يعرف بأورانوس، حيث كلاهما يوصف بأنّ لهما ستة أبناء وبنات في إطار الزوجية، وكلاهما احتفظ بمجموعة من أرواح العاصفة مقفلة خلف عتبة من البرونز، وفي حالة أورانوس كان الأطفال الإثنا عشر هم آلهة تيتان (العملاق) وآلهة العاصفة هي هيكاتونخيرس (Hecatoncheires) وكيكلوبس (Cyclopes) في تارتاروس.

يشبه عولس أيضًا أستراوس (Astraeus) والد هسيود للرياح والنجوم، ويبدو أنّ ستيسيكورس (Stesichorus) يؤكد هذه الصلة عندما وصف عولس أفراس النهر (Aiolos Hippotades) بأنّه ابن عم ايريس ثومانتيوس أو ما يعرف بقوس قزح العجيب (Iris Thaumantias)، وبالنسبة إلى أستراوس كان ابن يوريبيا وإيريس ابنة شقيق يوريبيا ثوماس، وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ الكلمات اليونانية (aiolos) و (aiolokhros) و (astraios) كانت جميعها صفات مطبقة على سماء الليل المرصعة بالنجوم أورانوس (Ouranos).

مساعدة عولس لأوديسيوس
تعتبر هيلين إسبارطة أجمل امرأة في العالم وللأسف كانت متزوجة من ملك باهت ومغرور وخطير الوزن، وعندما لم يستطع حبيبها باريس -الذي تبين أنّه أمير طروادة– أن يأخذ الأمر أكثر من ذلك، اختطف هيلين الجميلة وأغرق اليونان وطروادة في نزاع عسكري ممتد، واستمرت حرب طروادة كما سميت لأكثر من عشر سنوات وتسببت في وفاة العديد من الأبطال، بما في ذلك أخيل وأياكس وكذلك هيكتور وباريس، وانتهت الحرب أخيرًا عندما بنى الملك الأسطوري أوديسيوس حصان طروادة وخدع أحصنة طروادة للهزيمة، ومع ذلك كانت الآلهة بالتأكيد غير سعيدة لأنّ الحرب لم يتم كسبها في المعركة ولكن تم كسبها بالخداع، ولذا فقد عاقبوا أوديسيوس بمنعه من رحلته إلى المنزل.

في محاولة يائسة للعودة إلى زوجته ومملكته وصل أوديسيوس إلى جزيرة إيوليا العائمة، وكان ذلك عندما التقى عولس حارس الرياح الذي عاش مع زوجته وأطفاله الاثني عشر في قلعة برونزية، واستولى عولس على أقوى الرياح في كيس من جلد الثور، وشعر بالشفقة على أوديسيوس وأعطاه كيس الرياح كهدية، وقام أوديسيوس بربط الكيس بإحكام بالسفينة وسمح بفتحة صغيرة بحيث لا يُسمح إلّا لحفرة الزفير الخفيفة بالنفخ.

أوديسيوس حامل حقيبة الرياح
عندما زار البطل أوديسيوس (Odysseus) جزيرة إيوليا (Aiolos) حيث كان أوديسيوس في رحلة يكافح من أجل العودة إلى منزل زوجته، والذي فقد في البحر قبل أن يهبط هو وطاقمه في جزيرة إيوليا، وبعد شهر على الجزيرة مستمتعًا بضيافة عولس عرض عولس على أن يساعد أوديسيوس ورجاله في الوصول إلى وجهتهم من خلال حصر جميع الرياح المعاكسة في كيس وإرسال الرياح الناعمة المواتية للغرب لدفعهم بأمان نحو المنزل.

بمجرد صعوده على متن السفينة وخلال الرحلة حينما كان أوديسيوس نائمًا فتح رفقاء البطل الجشعين الحقيبة بحثًا عن الذهب، وذلك بعد موافقة طاقم البحارة المشبوه على أنّه لا بد أنّ أوديسيوس يخزن مجموعة متنوعة من الثروات في تلك الحقيبة، وبدافع الفضول فتحوه وأطلقوا كل الرياح التي لا يمكن السيطرة عليها، وحملت الرياح الهاربة سفينتهم طوال الطريق إلى شاطئ أيولوس كما دارت الرياح معًا وشكلت عاصفة قوية أعادت السفينة مباشرة إلى جزيرة إيوليا، واعتبر عولس هذا علامة على الآلهة ونصح البحارة بمغادرة الجزيرة وعدم العودة أبدًا.

وهناك رواية تقول أّن الرياح دفعتهم إلى الخروج عن مسارهم لعدة أيام مما قادهم إلى جزيرة إيوليا، وطلبوا من عولس مساعدة أوديسيوس مرة أخرى ولكن تم إبعادهم لأنّ بعض الآلهة الأخرى قد لعنوا، وعند مغادرة الجزيرة اكتشف عولس أنّ أوديسيوس قد أغوى إحدى بناته وأراد معاقبته، فجنبًا إلى جنب مع بوسيدون إله البحر أرسل رجال إيثاكا رياحًا وعواصف قوية أعاقت رحلتهم وأدت إلى جزر خطرة مثل جزيرة لايستريجونيانس العمالقة الآكلة للإنسان.

أوديسيوس بعد رفض عولس
بعد أن تم رفض رجال الإيثاكان من قبل عولس قام أوديسيوس بالإبحار، وفقط ليتم إرسال موجات ورياح قوية تقودهم إلى جزيرة لايستريجونيانس، وهناك تم اصطياد أوديسيوس ورجاله مثل الفريسة وأكلوا عندما تم القبض عليهم وكانوا يعاملون كحيوانات يجب اصطيادها، وفي النهاية هربوا ولكن ليس بدون فقدان عدد كبير من الرجال، وأخيرًا تمكنت سفينة واحدة فقط من مغادرة جزيرة العمالقة، وبعد ذلك هبطوا في جزيرة سيرس حيث أصبح أوديسيوس عاشق الساحرة الشابة وعاش في رفاهية لمدة عام.

بعد ذلك رسوا في جزيرة هيليوس حيث عرضت الأمواج والرياح القوية التي أرسلها بوليفيموس وأيولوس سفرهم في البحر للخطر، وتم تحذير أوديسيوس من لمس الماشية الذهبية في جزيرة هيليوس ولكن رجاله لم يستمعوا وذبحوا الماشية الحبيبة في غيابه، وبمجرد أن أبحروا من جزيرة هيليوس أرسل زيوس صاعقة ودمر سفينتهم وأغرق جميع رجال أوديسيوس في هذه العملية، ونجا أوديسيوس فقط ليغسل الشاطئ في جزيرة أوغيغيا حيث سُجن لمدة سبع سنوات، وبمجرد السماح له بالمغادرة رحل أوديسيوس إلى منزله وعاد أخيرًا إلى إيثاكا واستعاد عرشه واتبع مفهوم (nostos) أي البطل الملحمي الذي يعود سالمًا عن طريق البحر فيحظى بمكانة عالية بين الناس كما قيل في الادب اليوناني القديم

عذبة المعاني ,طهر القلوب معجبون بهذا

المصدر : منتديات عبق الياسمين