كانت تنتفض ، والعرق يتصبب من جبينها بشكلٍ أثارَ قلق عمتها التي كانت تراقبها أثناء نومها
وكأنها كانت تعاني من كابوسٍ مزعجٍ ، أو حزين فآثار البكاء مُرتَسِمٌ على شفتيها
ظلَّت تتقلبُ بعنفٍ حتى قامت وعينيها جاحظةٌ صارخةٌ وتكرر
= أمي ...... اريد أمي
هبَّت العمة فَزِعَةٌ تُهدئُ من روعِها
= أُمكِ حبيبتي في غرفتها نائمة ، اهدئي هذا كابوس
هل تحبي أن اوقظها؟!
ولكن الفتاة التي أمسكت بيد عمتها بعنف وبعينين جاحظة وهمست بصوت مبحوح
= تلك ليست أمي .....صدقيني عمتي تلك ليست أمي
أُقسمُ لك على ذلك أنها ليست أمي
تنهدت العمة في استياء مختلط بحزن
مرةٌ أخرى يا ابنتي ؟ هل عادت اليكِ الهلوسةُ مرةٌ أخرى؟
لقد سعدنا عندما مَنَّ الله عليك بالشفاء ، وبخروجك من المصحة وقد عاد اليك صوابك
ماذا جرى اليوم ؟
لاحول ولاقوة الا بالله
هل هي انتكاسةٌ أم ماذا؟
انتظري انادي أباكِ ليجد حلاً معك
هبطت الفتاة تقبل قدمَيّْ عمتها التي فوجئت بتصرف ابنة أخيها الغريب
=ارجوك لا تخبري أبي وتلك المرأة بما قلته لك الآن سوف يُلقون بي بالمشفى مرةً أخرى
تلك المرأة ليست أمي أُقسمُ أنها ليست أمي يا عمة
وظلت تبكي بمرارة وحرقة شديدين
ثم توقفت وهمست وهي تلتفت
= صحيح هي تشبه أمي بل صورة طبق الاصل منها وتعلم كل صغيرة وكبيرة عنا وعن البيت وعن أبي
وايضا تحاول ان ترعاني
ثم وضعت يديها على صدرها وكادت تغرز اظافرها فيه بلا شعور منها وهي تبكي وأكملت بعد أن تلفتت يُمنةً ويسرةً
=ولكن احساسي يصرخ داخلي بعنف يصرخ أن تلك المرأة القابعة في غرفة أبي ليست أمي
لمعة عينيها شريرة ، حضنها باردٌ كالثلج ، تُقلِّدُ أمي في كلِّ شيء ....
كلِّ شيء ولكنها ليست أمي .....
هي من اشارت على أبي بإدخالي المصحة كي تتخلص مني
نظراتها تخيفني رغم تظاهرها بالبراءة
.....ظلت العمة تراقب ابنة اخيها في حيرةٍ وهي لا تعلم كيف تتصرف هل تخبر أباها أم
تسكت عما حدث هذه الليلة وتكتفي بتنبيه الفتاة و اقناعها بأن تلك المراة هي والدتها فعلا ؟
........
بدأت القصة عندما اصيبت المراهقة نورا ذات يوم بنوبةٍ حادةٍ في القلب وقرر الاطباء سفرها لألمانيا
وتلقي العلاج هناك
كانت آن ذاك في الثانية عشر من عمرها سافرت مع ابيها واستقبلهما اخيها الكبير الذي كان يدرس
هناك
وظلت تتلقى العلاج ستة اشهر حيث أنها كانت تعاني من ارهاق في عضلة القلب رغم صغر عمرها
وامتدت المهلة ستة اشهر أخرى ورجعت بعد سنة مع ابيها و أخيها الذي توفي في حادث مروع بعد عودته مباشرة
اجتاحت مشاعر الفتاة تغيراً ملحوظاً تجاه والدتها
التي كانت متعلقة بها بشكل كبير منذ ولادتها ولكن التغير كان سلبياً
اصبحت تشعر أن تلك المراة منذ اللحظة الاولى التي حضنتها فيها يوم عودتها ليست امها
وتزايد الشعور بشكل قوي جداً مع الايام
حاولت الفتاة التغلب على هذا الشعور ولكن بلا فائدة
كل يوم يزداد بشكل مخيف حتى صارحت أباها ذات يوم بذلك
فعلل ذلك بأن ما اصابها حالة نفسية بسبب فقدها لأخيها في الحادث لتعلقها به بشكل كبير
ومع الايام كبر الاحساس حتى واجهت امها بهذا الاحساس وبشكل عنيف
ووصل الحد أنها كانت تحاول طردها من البيت
صارخة
انت لست امي ........اين ذهبتم بأمي ....... هذه ليست امي ........
حتى قام الاب بعرضها على طبيب نفسي ولكن بلا فائدة وبلا تحسن
و عندما واصلت مواجهاتها مكررة قولها لأمها التي كانت تعاني بشكل كبير من كره ابنتها المفاجيء
= لِمَ أنتِ بلا ملامح؟
اراك بلا ملامح ترسمين المشاعر على وجهك رسماً
لِمَ حضنك باردٌ كالثلج ؟
وبعد محاولة لقتل المرأة وهي نائمة ذات يوم قرر الأب ايداعها مصحة نفسية قبل أن ترتكب جرماً
وبعد فترة قرر طبيب المصحة اخراجها حينما تحسنت الفتاة بشكل ملحوظ
.........
قررت العمة اخبار الأب بما حدث بعدما تكررت نوبات الفتاة
التي اصبحت ترى امها الحقيقية على حسب ادعائها تستنجد بها كل يوم في احلامها
وترسم صورتها على الجدار
وأخبرت عمتها برؤيتها لأمها كل يوم تخبرها بحالها وتعلم عنها كل ما تعانيه
وهي من أشارت عليها بأن تكتم احاسيسها حتى يتم اخراجها من المصحة
فنفذت ما أخبرتها به
كانت ترى امها في الحلم تبكي بمراره وحسرة وتريها صورا كثيرة رسمتها على جدار سجن ما
لاتعرف مكانه فلقد كانت امها تمتلك موهبة الرسم ولديها مرسم خاص في قبو الفيلا
وعندما اخبرت العمة الأب بما لاحظته التفت إليها بهدوء وقام متسللا وأغلق الباب
وجلس امام أخته وهمس وعينيه بعينيها
= هل تصدقين ؟.......
انا ايضا اصبحت أشُكُّ في أن تلك المرأة ليست زوجتي ......
عقدت العمة حاجبيها وقالت
=هل جننت يا رجل مثل ابنتك ؟
ماذا دهاكما يبدو أن موت ابنك أثّرَ بك أنت الآخر
لقد مر سنتين على موته وما زال الحزن في عينيك أشُكُّ في أنكَ تعاني من حالة نفسية أنت الآخر
وقامت لتخرج من الغرفة ولكنه اوقفها منادياً
=خديجة .....
منذ سنتين امرأتي لم ترسم لوحة واحدة ، وأنتِ تعلمين شغف نورهان بالرسم
كانت ترسم كل اسبوع لوحة كانت تعشق الرسم
الآن ومنذ سنتين لم ترسم لوحة واحدة وعندما سألتها أجابت
= بأنها فقدت حبها للرسم بعد وفاة ابننا ......
حاولت تشجيعها بكل الطرق ولكن بلا فائدة ، وبالأمس فقط اكتشفت أنها لا تستطيع أن تُفرق
بين انواع الألوان حينما كنا نرتب الأتيليه (المعرض ) .
خديجة
أنتِ تعلمين جيداً مدى تعلق ابنتي نورا بأمها ، والآن كلنا نعلم ما الذي حدث بعد عودتها
من المانيا منذ امس لا استطيع الاقتراب من تلك المراة ..........
خديجة ......افصاحي هذا
يؤكد أن تلك المرأة ليست زوجتي .......
ما انتهى الأب ...السيد عامر من جملته الأخيرة
حتى سمعا صرخةً قويةً من غرفةِ ابنتهِ ، جَرَيا نحو الغرفة
وجدا نورا تصرخ بكل قوتها
= تلك المرأة تريد قتلي انقذوني ......