فيلسوف إنجليزي يعتبر امام التحليل المنطقي، وداعية الفلسفة العلمية ولد من عائلة عريقة النسب، والده مفكر حر، وجده جون رسل 'سياسيا ليبرالياً'، رأس الوزارة البريطانية مرتين. توفيت أمه بعد ولادته بعامين ووالده بعد أربع سنوات من ولادته، لم يتلق التعليم في المدارس، وإنما تلقاه في البيت وحصل عام 1890ن على منحة لدراسة الرياضيات بجامعة كامبرج، وكان قارئا نهماً، قرأ كتاب (اقليدس) عن الهندسة وأعجب به، وقرأ كتب جون ستيورت مل واقتنع بمنهجة التجريبي، كما تأثر بالفلسفة الهيجيلية، ثم تحول إعجابه من الفلسفة الهيجيلية إلى الفلسفة التحليلية.
وكان (راسل) كثير الأسفار والترحال فزار العديد من البلدان الأوروبية، والتقي بأقطاب الفكر الفلسفي والرياضي. وفي عام 1938 ذهب للولايات المتحدة وعمل أستاذاً بجامعة شيكاغون وفي عام 1939 عمل في جامعة كاليفورنيا. وكان من دعاة السلام والحرية، وبسبها دخل السجن لمدة ستة اشهر، وانشأ عام (1963) مؤسسة السلام العالمي، وهاجم أمريكا في حربها مع الفيتنام كما هاجم إسرائيل في حربها ضد العرب، وهاجم كذلك العدوان الثلاث على مصر، وكان محباً للسلام يدعوى إليه ويبذل المال في سبيل البحث العلمي لإقرار السلام، لقد عاصر الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكان من آخر أعماله رسالة أرسلها إلى المؤتمر البريطاني المنعقد في القاهرة في أول شهر حزيران عام 1970 العام الذي توفي فيه والتي نند فيها بإسرائيل وطلب انسحابها من الأراضي العربية، كما عارض معاملة إسرائيل غير الديمقراطية للعرب.
وقد ألف راسل (71) كتابا منها (9) كتب في الرياضيات والمنطق و (7) كتب في العلوم والفن، (9) كتب في الفلسفة العامة و (10) كتب في السياسة والاجتماع، والباقي في موضوعات أخرى مختلفة مثل الأخلاق، والديمقراطية، والسعادة، وتحليل العقل، والمعرفة،...الخ.
يرى راسل ان الفلسفة تشبه العلم من حيث أنها تحاول حل المشكلات التي تلتقي بها عن طريق المناهج العقلية الصرفة، فالفلسفة العلمية هي جهد عقلي متواضع يرفض كل محاولة لبناء أي نسق فلسفي موحد, فنحن بإزاء فلسفة تحليلية تأبى التورط في إقامة أي مذهب ميتافيزيقي على طريقة الفلاسفة العقلانيين الكلاسيكيين، لأنها تؤمن بضرورة معالجة المشكلات الفلسفية واحدة بعد الأخرى عن طريق اصطناع مناهج التحليل المنطقي.
ويؤكد راسل على أهمية التحليل وانه استمرار لعملية (البحث العلمي) فليس ما يبرر فصل المهمة التحليلية القائمة على توضيح الأفكار عن المهمة التركيبية القائمة على اكتشاف الوقائع وشرحها؛ لأن التحليل معزولاً عن البحث الواقعي عملية قاصرة جوفاء، في حين ان البحث العلمي الذي لا يقوم على فهم حقيقي لمعانية وعملياته لا يزيد عن كونه عملية مختلطة عمياء. فمذهب راسل التحليلي الذي يطرحه لمعالجة المشكلات الفلسفية يرتبط بعقليته الرياضية القائمة على تحليل المشكلة وبيان السبب المباشر في تعقيدها. وكان الهدف الأساسي عند راسل من منهجه التحليلي هو الرجوع إلى العناصر الأولية البسيطة والوحدات الجزئية الأساسية التي يقوم عليها الفكر والوجود والتي يبدأ منها العلم والمعرفة لان هذا التحليل يوضح حقيقة تلك العناصر والجزئيات، كما العلاقات التي تربطها ببعضها البعض. كما يرى راسل انه ليس أجدر بالفيلسوف من المفردات اللغوية, حيث إن الألفاظ المستخدمة عادة في اللغات الطبيعية غامضة وملتبسة ومن هنا فإن على الباحث الفلسفي أن يحدد معانيه، وان يحرص باستمرار على فهم المعاني الدقيقة التي تستخدم فيها الألفاظ حيث ترد على قلم هذا الفيلسوف أو ذاك، ولذا فقد ظل راسل يفرق بين مظهرين مختلفين للغة: مجموع مفرداتها من جهة وتركيبها أو بنائها من جهة أخرى. الجمل والقضايا هي العبارات البسيطة التي لايمكن تجزئتها إلى قضايا أو جمل اصغر منها، أما الذرات في مستوى الكلمات فهي الوحدات البسيطة التي لا يمكن تجزئتها إلى كلمات اصغر منها، فهو يبحث عن الذرات أو الأوليات التي تتألف منها المعرفة ثم يحاول بناء اللغة والمعرفة '.