المنزل القديم
كانت أرملة فقدت زوجها الذى كان يعمل بائع متجول يخرج فى الصباح ويأتى اخر النهار منهك القوى
وقد وفر لزوجته واولادة الثلاثة بضع قروش لا تنفع ولا تصد اربعة افواه وهو خامسهم ولكنها كانت راضية
ومبسوطة ويكفيها ان الحب كان يجمع الأسرة .
وفى يوم مشؤم فقدت ذلك الزوج الحنون تاركا لها هؤلاء الأطفال الثلاث دون معين الا الله وحده ثم نفسها لتعيل
أطفالها .
كانت تقدم لهم الحب والحنان والعطف والأمان وهى صابره مؤمنة بقضاء الله مما جعلها تصبح إمرأة قوية
كان المنزل الذى تعيش فيه هى وأطفالها الصغار ضعيف الأساس معرض للسقوط فى أى لحظة .
ولكنها كانت تحمد الله عليه لأنه حاميها هى واطفالها حتى لا تعيش فى الشارع اذا حدث مكروه للمنزل
وفى ليلة من ليالى الشتاء القاسية وبينما حل الليل وهم نيام اشتدت الرياح وزادت الأمطار واخذ
ضجيج الرعد المخيف يهز حيطان البيت ضعيف الأساس كلما اضاء البرق المكان كان كافى ليملأ قلب الأم
قلقا وخوفا ورعبا على اطفالها ظلت مستيقظة تحتضن أطفالها بقربها لتشعرهم بالطمأنينة
وليحصلوا جميعا على اكبر قدر ممكن من الدفىء فى حضنها
وفجأة قامت للحظات وأحضرت ورقة صغيرة وكتبت فيها بضع كلمات و وضعتها فى شق فى الحائط واخفتها
حتى لا يراها أطفالها وهم نيام ولم تدرى انه فى تلك الأثناء كان أحد أطفالها يراقبها بعينية وهو صامت ورأها
وهى تخفى شيئا ما بالحائط !!!
مرت الأيام ا السنوات سنة تلو الأخرى والأم تكافح وتعمل من أجل أطفالها وهى عازمة على أن تؤهلهم
بالسلاح لمواجهة الدنيا وهو سلاح التعليم فقد أصرت على تعليمهم جميعا
وهى صابرة وتبذل المزيد من الجهد وتغير الحال وكبر الأطفال واصبحو رجال مسلحين بالعلم
والثقافة والأخلاق الكريمة والأدب الجم ومحبة الناس
واصبح لكل منهم وظيفة مرموقة يعمل بها بكد واجنهاد وأمانة فى العمل مما جعلهم يفكرون فى ترك منزلهم
الصغير القديم الملىء بالشقوق وذكرياتهم بحلوها ومُرها
لينتقلوا الى منزل اخر بالمدينة وليعوضوا أمهم عن سنوات الصبر والعذاب الذى عاشتها حتى اصبحو أشداء
لكن لم يمهلها القدر لكى تعيش فى هذا النعيم بالنسبة لها تعويضا على ما عاشته طيلة حياتها من سنوات
كفاح وتعب الا سنة واحدة بينهم وتوفاها الله وحزن الأولاد حزنا شديدا على أمهم التى كانت بالنسبة لهم
هى الأم والأب والأهل جميعا وبعد أنتهاء ثلاثة أيام العزاء أجتمع الأبناء وأخذ كل منهما يستعيد ذكرياته
عن أمه وفجأة تذكر أخاهم الأكبر أن أمه قد وضعت شيئا ما فى حائط منزلهم القديم !!!!
فأخبر اخوته فهرعوا مسرعين إلى ذلك البيت الذى يحمل ذكرياتهم جميعا وعندما وصلوا نظر الأبن إلى الحائط
والتقط الحجر الذى يغلق فتحة الشق وعندما وجد ورقة بالداخل فسحبها وإذا بالبيت يهتز بقوة .. فخاف الأبناء
من أن يسقط البيت عليهم فابتعدوا بسرعة إلى جهة لأخرى .. فوقع البيت !!!!
وعندها حل الصمت بين الأخوة للحظات وعلى وجههم الأستغراب والذهول
كيف يحدث هذا .... ؟
قال احد الأبناء هل الورقة معك ياأخى ؟
أجابه قائلا نعم .. قالوا له بصوت مرتفع أفتحها أفتحها ...
وعندما فتحها .. وجد ما كتبته أمه ما هو الا بضع كلمات وهى ... ( أصمد بإذن ربك )
ياه ما أعظم تلك العبارة وما أروع تلك المرأة وما أصدق إيمانها العالى وثقتها بالله
عندها ترحم الأبناء على أمهم وعرفوا آخر درس قد علمتهم أياه بعد وفاتها .. وهو أن يثقوا بالله حق ثقة وأن
يكون لديهم ثقة كبيرة بأن الله تعالى يسير أمورهم لما فيه خير لهم .
الثقة بالله أمر عظيم غفلنا عنه كثيرا .. فما احوجنا اليوم إلى هذه الثقة لتعيد بها توازن الحياة المنهارة
تمت بحمد الله
|
|
|
|
|
إحساس خالد امتناني وشكرى وتقديرى
على الأهداء الجميل