أثر الانضباط الصارم، والتربية القاسية، على صحة الطفل النفسية
إن اكتشاف الأسلوب الصحيح لتأديب وتربية الأطفال هو أحد أبرز الصعوبات التي يواجهها الآباء، وبينما يمكننا أن نتفق جميعًا على أن إساءة معاملة الأطفال هي أمر خاطئ، إلا أن الآراء تختلف كثيرًا عندما يتعلق الأمر بممارسات شائعة مثل: الصراخ أو الضرب.
بشكل عام: فالتربية القاسية تستخدم أساليب مثل: العدوانية، والأصوات المرتفعة، واللوم، وجعل الطفل يشعر بالذنب؛ لكن الأبحاث تقول أنه حتى لو كانت هذه الممارسات تعمل على تعديل سلوك الطفل في لحظتها، فإن النتائج على المدى الطويل لا تستحق.
بالإضافة إلى ذلك: فإن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال "AAP" تنصح بعدم اللجوء إلى الصراخ أو الضرب لصالح نهج إيجابي في التربية.
ما هي التربية القاسية؟
التربية القاسية هي أي نوع من الممارسات التأديبية التي ينتج عنها شعور الطفل بالسوء، وهذا يتضمن الإساءة الجسدية، مثل الضرب، كما أنه يشمل أيضًا طُرق التأديب غير الجسدي التي تسبب الألم النفسي، مثل: الصراخ، أو الإهانة اللفظية، أو التوبيخ، أو جعل الطفل يشعر بالعار أو الإحراج أمام الجميع.
التأديب القاسي يختلف عن الإساءة؛ لأنه يُستخدم عن قصد، ولأسباب ملموسة، فعندما يلجأ الوالدان إلى طرق التربية القاسية، فإنهما يختاران ممارسات محددة لأنهما يعتقدان أنها تعمل، أو أنها ضرورية لمعالجة سلوكيات بذاتها، السلوك المسيء قد يكون أكثر انحرافًا، ويمكن أن يحدث دون وجود أي نية لتعديل سلوك الطفل، العقاب المتطرف كذلك يمكن أن يكون نوع من الإساءة.
تأثير الانضباط القاسي على الطفل:
الأطفال الذين لا يتلقون التربية الإيجابية هم أكثر عرضة لمشاكل العلاقات، والاكتئاب والقلق والعدوانية، من ضمن النتائج السلبية الأخرى.
الإدراك السلبي للذات:
إن إطلاق الأبوين للتسميات السلبية على الطفل مثلما يحدث في الإهانة اللفظية تؤثر على إحساس الطفل بذاته، وتساهم في تصديقه بأنه يتسم بهذه الصفات السلبية بالفعل.
فعندما يشعر الطفل بالعار، فإن هذا الشعور القوي يؤثر بعمق على نفسيته وشعوره بذاته، وكثير من الآباء يلجؤون إلى جعل الطفل يشعر بالخزي لردعه عن سلوك سلبي، أو تشجيع سلوكيات إيجابية.
وعندما يصبح الإحساس بالخزي وإطلاق التسميات السلبية أسلوبًا شائعًا في التربية، يبدأ الأطفال في امتصاص وتجسيد هذه الرسائل السلبية، حيث يتعلمون أن يتحدثوا إلى أنفسهم بنفس الطريقة التي يتحدث بها الآخرون إليهم، وينتقدون أنفسهم بقسوة.
وعلى المدى الطويل: فإن الأشخاص الذين لديهم إدراك سلبي للذات، غالبًا ما يسعون إلى إقامة علاقات تُثبت الرسائل السلبية التي اعتادوا على سماعها.
مشاكل السيطرة والتمرد:
الأطفال الذين يواجهون الانضباط المفرط في صرامته يمكن أن يكون لديهم مشاكل في السيطرة على الآخرين، أو يصابوا باضطراب الوسواس القهري وغيره من السلوكيات القلِقَة، جنبًا إلى جنب مع اعتقادهم بأن العالم يمثل خطرًا عليهم.
كما قد يصبح هذا الطفل متمردًا يستمر في الشجار مع والديه، ويكسر القواعد، وينخرط في سلوكيات سلبية.
مشاكل نفسية وسلوكية:
التربية القاسية التي تتضمن تهديدات لفظية أو جسدية، والصراخ المتكرر والضرب، إلى جانب العواقب السلبية الفورية كرد فعل لسلوك معين يصدر من الطفل، يمكن أن تؤدي إلى إصابة الأطفال بمشاكل نفسية وسلوكية مثل العدوانية.
ماذا يمكن للآباء فعله لتجنُّب طرق التربية القاسية؟
إذا وجدت نفسك تقع في أساليب التربية الخاطئة في كثير من الأحيان، فيجب أن تتذكر أنك قادر على إحداث تغيير.
تجديد أساليب التربية يتطلب الصبر، والأمانة، والكثير من العمل الشاق، الخبر السار أنه لم يفت الأوان بعدُ للبدء من جديد، فأي تغيير إيجابي تفعله سيؤدي إلى نتائج أفضل لطفلك.
وهذه بعض الخطوات التي ستساعدك على اتباع أسلوب إيجابي للتربية:
الاستماع إلى أفكار ومشاعر طفلك:
جميعنا نريد أن نكون مسموعين، وعندما يأتي الأمر إلى الأطفال فيجب الاستماع إلى مخاوفهم وإحباطاتهم، والتحقق من مشاعرهم، وأن تشرح لهم أن من حقهم الشعور بالغضب، ولكن ليس عليهم التصرف بسلوكيات سلبية بناء على هذا الغضب "مثل: إلقاء أقلام التلوين في الغرفة"، بدلًا من ذلك قدِّم لهم بدائل ليعبِّروا عن مشاعرهم المختلفة بطرق إيجابية.
اللجوء إلى العواقب المناسبة:
عندما تلجأ إلى طرق التأديب، فيجب اللجوء إلى عواقب تعلُّم طفلك درسًا إيجابيًا، إن ضرب الأطفال لا يعلمهم شيئًا عن العواقب، كما يمكن أن ينتج عنه استياء وغضب، مع ذهاب الطفل إلى المدرسة وضربه للأطفال الآخرين.