الأدارة ..♥ |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
في مهب الريح
في مهب الريح منال المغربي قبل أيام جاءت إليّ ابنة أخي تحمل بين يديها كتاب القراءة للصف السابع الأساسي: • «عمّتي؛ أليست هذه العبارة كفراً؟». نظرت إلى النص الذي أشارت إليه؛ وكان مما قرأت: (أي معنى للعيد وفي أفواهنا تجاديف.. وفي قلوبنا تجاديف. واسم الله في شفاهنا لعنة وسبة؟ فخير لنا أن ننسى الله من أن نجعل من مواسم الله مواسم للمساخر والمتاجر). سؤالها الذي سألتْه كانت تعرف إجابته سلفاً.. ولكنه كان من باب تسجيل استنكارها على أمر لم تعهده مسبقاً. • قررت أن أسترسل معها بالحوار في محاولة مني لاكتشاف كيفية معالجتها لهذا الموقف، فأجبتها عن سؤالها بسؤال: • هل انبرى أحد من التلاميذ وقال للمعلمة: إن هذه العبارات لا تجوز؟ • هزّت برأسها: نعم، نعم.. لقد نبهها أحد الطلاب فقالت له بعصبية: اذهب واجلس مكانك.. • عدت وسألتها: أنتِ ماذا فعلت عندما طلبت منكِ المعلمة قراءة النص؟ • قالت بثقة: قرأته كما طلبتْ، ولكني أمسكت عندما وصلتُ لتلك العبارة.. سررت منها لأنها اتخذت موقفاً يعبّر عن وعيها ورفضها لما قرأت وتقرأ.. فأثنيت عليها، ولكن بيّنت لها أن ما فعلته هو أضعف الإيمان.. • لم يعجبها كلامي على ما يبدو فقطبت حاجبيها ثم شرعت بالتبربر: وماذا أفعل غير ذلك؟ أنتِ لم تري المعلمة... مخيفة.. فهي عصبية جداً.. وأسلوبها ساخر وجارح... • قلت لها - مع أنني أعرف في قرارة نفسي أنني لو كنت مكانها عندما كنت في مثل سنها لما فعلتُ ما أنصحها به لشدة خجلي -: وإنْ.. كان يجب أن تقلّدي زميلك في الصف وتقولي للمعلمة إننا باعتبارنا مسلمين لا يجوز أن نقرأ مثل هذا الكلام... • ضحكت ضحكة صغيرة بينما نظرات الخجل تلمع في عينيها الصغيرتين.. ردّت باستحياء: سأحاول إن واجهني مثل هذا الموقف ثانية.. نظرتُ إلى ابنة أخي مشفقةً.. وأنا أراها وغيرها من الطلاب والطالبات يصارعون في هذه السن المبكرة رياح التغريب والإلحاد التي تبثها بعض المواد الدراسية ذات المضامين المشوهة.. وأشفقت عليهم أكثر لوجود أمثال هؤلاء المعلمين الذين قزّموا دورهم حتى جعلوه مقتصراً على حشو رؤوس طلابهم بالمعلومات وحراسة الفصل الدراسي من الفوضى دون أن يكون لهم دور فاعل في الإسهام بعملية تربية النشء من ناحية توجيههم وإرشادهم وحماية عقولهم من هذه الكفريات والشبهات التي تبثها بعض المواد الدراسية وغيرها.. بل للأسف، جعلوا جلّ همهم الحصول على راتبهم آخر الشهر... فكان الثمن الذي دفعه الطلاب أن فقدوا المربي والقدوة... وفقدوا العطف والنصح. والطامة الكبرى إن غاب دور الأسرة في تحصين أبنائهم بالوعي (بمختلف أشكاله) وفي تربيتهم على التعبير عن رأيهم وعلى الجرأة في قول الحق..
الساعة الآن 11:46 AM
|