موقف الرسول من أهل مكة
بعد ثمان سنوات من الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة، وبعد أن أنتصر الرسول الكريم على كفار قريش عاد النبي إلى مكة فاتح منتصر مهلل مع المسلمين رافعين راية الإسلام ، فوقف جميع أهل مكة خائفين مرعوبين من أفعالهم يفكروا فيما سوف يفعله بهم النبي الكريم بعد أن عذبوه وأخرجوه من بلاده مقهوراً مظلوم، واليوم مكنه الله من الأرض وعاد لمكه مرفوع الرأس منصور كريم، فظن أهل مكة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن ينتقم منهم ويرد الأذى، ويرد المواقف السيئة التي فعلوها معه حيث إنهم أهالوا التراب على رأسه وحصاروه ثلاث سنوات حتى جعلوا الحبيب المصطفى يأكل الشجر هو ومن معه من أصحابه وأتباعه، وكانوا يريدوا أن يقتلوه، فقد فعلوا المؤمرات التي أفسدها الله بقدرته فالله لا يفلح الظالمون.
عزب كفار مكه الصحابة وأخذوا أموالهم واستباحوا ديارهم، وأجلوهم من البلاد التي نشأ كل منهم وتربوا فيها فلم يكن أبداً الأمر سهل، خاصة أن صحابة رسول الله كانوا أغلبهم من التجار وأصحاب المهن والديار، ولكن كل ذلك هان أمام كفة دينهم الرابحة، ولكن كان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم عظيم، فقد خابت كل الظنون السيئة فيه، وضرب خير مثال للمسلم في العفو عند المقدرة، فلم يفكر الرسول أبداً في الانتقام برغم قدرته على ذلك، إلا إنه أراد أن يعلم المسلمين والأمة كلها موقف تربوي عظيم، إذ قال لهم الحبيب المصطفى” ما ترون أني فاعل بكم؟، قالوا أخ كريم، وابن أخ كريم، قال صلى الله عليه وسلم”أذهبوا فأنتم الطلقاء”[2].